ناصر الدين افتتح المؤتمر العلمي في جامعة الحكمة عن التصوير الطبي المستقبلي
نعمل على دمج الذكاء الاصطناعي في الاستراتيجية الأوسع للصحة الرقمية
إفتتح وزير الصحة العامة الدكتور ركان ناصر الدين المؤتمر العلمي الذي نظمه قسم التصوير الطبي في كلية الصحة العامة في جامعة الحكمة، بالتعاون مع كل من نقابة تقنيي الأشعة في لبنان والجمعية الدولية لاختصاصيي الأشعة والتصوير الطبي الـISRRT والجمعية الفرنسية لتقنيي الأشعة AFPPE تحت عنوان: "التصوير الطبي المستقبلي من الإبتكار إلى التدخل العلاجي- بيروت 2025 التصوير الطبي الذكي والحماية الإشعاعية من أجل عالم أكثر صحة"، بهدف تسليط الضوء على الإبتكارات في التصوير الطبي، وتطوير المهارات في مجالات الذكاء الإصطناعي وأجهزة الكشف الحديثة والمتقدمة، وتعزيز الحماية من الإشعاعات ووضمان سلامة المرضى والعاملين.
حضر المؤتمر رئيس جامعة الحكمة البروفسور جورج نعمة، ورئيسة AFPPE السيدة جوسلين لوغوازيغو Jocelyne Le Goazigo، وممثل ISRRT السيد فيليب غيرسون Philippe Gerson، ونقيب تقنيي الأشعة في لبنان بول مقدسي، وعميدة كلية الصحة العامة في جامعة الحكمة البروفسور ديالا الخوري، وخبراء وتقنيو أشعة حضروا من الأردن وفلسطين والجزائر وممثلون عن مختلف المستشفيات في لبنان، بالإضافة إلى عائلة جامعة الحكمة من نواب الرئيس وأعضاء المجلس وأساتذة وطلاب.
ناصر الدين
وأشار الوزير ناصر الدين في كلمته الى أهمية المؤتمر، معتبرا الى أنه "يعكس قناعة عامة بأن مستقبل الرعاية الصحية سيُبنى من خلال الاستخدام الذكي للبيانات والأدوات الرقمية والتقنيات الحديثة". ولاحظ أن "النظام الصحي في لبنان يحتاج إلى المضيّ قدمًا في تحقيق أمرين أساسيين: الإصلاح الرقمي من جهة، وإدخال الذكاء الإصطناعي في الأنظمة الصحية من جهة ثانية".
وأكد أن "وزارة الصحة العامة تتقدم في إرساء إصلاحات استراتيجية تتقدمها الرقمنة باعتبارها ركيزة استراتيجية أساسية لضمان الجودة والسلامة والعدالة في الوصول إلى الخدمات الصحية".
ولفت الى أن "الوزارة إستثمرت بشكل كبير على مدى السنوات الماضية في بناء أسس منظومة صحية رقمية حديثة"، وقال: "نقوم حاليًا بتطوير المنصات الوطنية الخاصة بالترصّد والتسجيل وإعطاء التراخيص وإدارة سلاسل الإمداد. فنحن نتقدم بثبات نحو نظام صحي تتخذ فيه القرارات إستنادًا إلى بيانات حديثة وموثوقة. ومما لا شك فيه أن الذكاء الإصطناعي امتداد طبيعي لهذا التحوّل".
وتوقف عند مشاركته في الوفد الرسمي الذي رافق رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في زيارته الرسمية لسلطنة عمان، مشيرًا إلى أنه زار مؤسسات صحية رسمية في السلطنة حيث لفته إنشاء مركز للإبتكار والتخطيط يستخدم معدّات متقدمة وذكية للكشف عن عدد من الأمراض ومن بينها سرطان الثدي.
وأكد أن "لبنان أحرز خطوة لافتة في هذا السياق، مثل إعتماد برنامج السل الوطني على التشخيص المدعوم بالذكاء الإصطناعي لمرض السل، إذ يتيح النظام الموجود قراءة سريعة ودقيقة لصور الصدر الشعاعية".
ورأى أن "هذا النظام يشكل تقدمًا مهمًا في بلد يواجه التنقل والنزوح المستمرين مما يلقي أعباء كثيرة على القدرات المخبرية، وقد شكّل النظام المعتمد إنجازًا بضمانه الكشف المبكر والمباشرة السريعة بالعلاج وتاليًا تأمين حماية أفضل للمجتمع".
وقال: "إننا نعمل كذلك على تطوير منظومات متقدمة لتنظيم قطاع الدواء من خلال استخدام الذكاء الإصطناعي، وهي خطوة أساسية للحد من النقص المحتمل للدواء وتطوير خطط الحصول على الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة".
وأوضح أن "العمل على أنظمة إستباقية سيؤدي إلى تحسين مستويات المخزون الدوائي والإنتقال من إدارة الأزمات إلى إدارة الأنظمة".
وتوقف عند "الدور الذي سيلعبه الذكاء الإصطناعي في المستقبل في مجالات الحماية من الأشعة والتصوير الطبي للأورام والكشف المبكر للسرطان وغير ذلك من تحسين للكفاءة التشغيلية في المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية. وأكد أن وزارة الصحة العامة تعمل على دمج الذكاء الإصطناعي في استراتيجيتها الأوسع للصحة الرقمية من خلال الأطر التنظيمية وبناء القدرات وتطوير البنى التحتية ومواءمة المعايير التي سيتم اعتمادها مع المعايير الدولية".
وقال: "إن رؤيتنا واضحة، وهي نظام صحي تتكامل فيه تقنيات التصوير والتشخيص والمنصات الرقمية والذكاء الإصطناعي بما يدعم الأطباء ويمكّن المرضى ويعزًز الصحة العامة".
ولفت إلى أن "تحقيق هذه الرؤية يتطلب شراكة، تنعكس أهميتها في هذا اللقاء، لأن للجامعات والنقابات المهنية والشركاء الدوليين دورًا أساسيًا في تبني التقنيات الجديدة وبناء رأس المال البشري القادر على قيادة التحوّل والتطور المطلوب، والإسهام معًا في بناء منظومة تصوير رقمي ذكي تلبي حاجات لبنان".
وشدد على "ضرورة أن يقترن الإبتكار بالحماية من الإشعاع. فمع تطور تقنيات التصوير يجب أن تتطور كذلك أطر ضمان الجودة والتدريب والحد من المخاطر".
وأكد أن "لبنان استطاع بصموده أن يواجه تحديات غير مسبوقة، وهو الآن أمام فرصة ليست للتعافي فقط، بل للتقدم من خلال الصحة الرقمية والذكاء الإصطناعي اللذين يساعدان على بناء نظام صحي أكثر أمانًا وعدالة للأجيال المقبلة".
وهنأ جامعة الحكمة على "اختيار هذا الموضوع المهم الذي يتماشى مع أجندة الإصلاح الصحي في لبنان".
الخوري
وكانت الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر قد بدأت بكلمة ترحيب ألقتها عريفة المؤتمر السيدة ميرنا السويدي، ثم ألقت البروفسور ديالا الخوري كلمة أوضحت فيها أن "انعقاد هذا المؤتمر الدولي هدف تحقّق بعدما أُرجئ مرتين بسبب الحرب الأخيرة، وليس الحضور الكريم للضيوف والمحاضرين من خارج لبنان سوى انعكاس للثقة الكبيرة ببلدنا لبنان ومؤسستنا الأكاديمية جامعة الحكمة كما بالرسالة التي نشترك في تأديتها".
وأوضحت عميدة كلية الصحة العامة في جامعة الحكمة أن "البرنامج العلمي للمؤتمر يناقش على مدى يومين سؤالا محوريًا حول كيفية إسهام التصوير الطبي الذكي والحماية الإشعاعية المتقدّمة في بناء عالم أكثر صحة".
وأشارت الى أن "خلاصات الأبحاث التي ستقدم في المؤتمر ستوضح أحدث ما توصل إليه العلم في مجالي التشخيص المدعوم بالذكاء الإصطناعي وتطور معايير الحماية من الإشعاع".
ورحّبت "باستضافة خبراء من لبنان والخارج سيشاركون معارفهم القيّمة ويدلون بمقترحاتهم واستنتاجاتهم حول الممارسات المستقبلية الفضلى".
وتوجهت بالشكر الى وزير الصحة العامة لحضوره ورعايته المؤتمر، "ما يشكل تأكيدًا على التزام وزارة الصحة العامة تطوير التقنيات الطبية وتعزيز الحماية من الإشعاع في لبنان.
ونوّهت بالتعاون العلمي القيم مع كل من نقابة تقنيي الأشعة في لبنان والجمعية الدولية لاختصاصيي الأشعة والتصوير الطبي الـISRRT والجمعية الفرنسية لتقنيي الأشعة AFPPE، لافتة إلى "أهمية تعزيز شبكة التواصل مع المؤسسات والنقابات الدولية بما ينعكس إيجابًا على الطلاب والعاملين في المهنة والمؤسسات الصحية".
ولفتت إلى أن "كلية الصحة العامة في جامعة الحكمة تعتز بدورها الفاعل والمستمر في المشاركة في تطوير وتحديث مستقبل التصوير الطبي في لبنان من حيث التعليم وممارسة المهنة"، مذكرة "بورشة العمل التطبيقية التي نظمتها الكلية في الصيف الماضي حول دور الذكاء الاصطناعي في التصوير الطبي، إلى جانب إطلاق دورتين من برنامج التعليم المستمر لمدة سنة كاملة في مجال الحماية من الإشعاع بالشراكة مع الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية".
مقدسي
وكانت كلمة للنقيب مقدسي تحدث فيها عن أهمية المؤتمر "الذي يتيح البحث في ما توصل إليه العلم من اكتشافات حديثة تتخطى الأساليب المعتمدة، التقليدية أو الروتينية، حيث يتجاوز دور الذكاء الإصطناعي عملية تصفية البيانات المجمعة نحو تحديد ما قد سقط بسهو وغير مرئي بالعين، فيكون هذا الدمج بين الذكاء الإصطناعي وعمل اختصاصيي الأشعة تكاملا بناء مبدعًا".
وأكد أن "التصوير الطبي يتطلب ضمان وأمان البيانات المنقولة والحفاظ على التواصل الفعال بين المتخصصين في الرعاية الصحية، مما يتطلب التدريب المستمر للكوادر الطبية والذي تفرضه التقنيات الجديدة والإبتكارات الحديثة، علمًا أن لهذه الإبتكارات دورًا كبيرًا في تحسين جودة رعاية المرضى وتغيير الأفكار السلبية والخوف الذي قد يشعر به بعضهم".
وقال: "إن التعاون بفضل التقنيات الحديثة ما بين التشخيص السريري والتشخيص التصويري يمكّن الأطباء من اتخاذ القرارات الحاسمة للعلاج، وبالتالي حصول المريض على الرعاية اللازمة والسريعة".
كذلك تضمنت الجلسة الإفتتاحية كلمة عبر الفيديو لرئيس الجمعية الدولية لاختصاصيي الأشعة والتصوير الطبي ISRRT تمنى فيها للمؤتمرين لقاء علميًا ناجحًا، داعيًا إلى "إيلاء موضوع السلامة من الإشعاع الأهمية اللازمة، وكذلك ما يشهده التصوير الطبي من تطور كبير مع الثورة الحاصلة في تقنيات الذكاء الإصطناعي".